مـيـرا جـزيـنـي
تغيرّ نسبياً اتجاه الريح اللبنانية إزاء مسار المفاوضات الجارية بشأن ملف سلاح حزب الله، مع الزيارة السريعة للموفد الرئاسي الأميركي توم براك برفقة مورغان أورتاغوس.
فالمسؤولون اللبنانيون يبدون متفائلين بإمكان الوصول إلى صيغة اتفاق يضمن وقفاً طويل الأمد لإطلاق النار.
إلا أنهم يفضلون التزام الصمت وعدم الإفصاح عن التفاصيل، مما يعكس إدراكهم لحساسية المرحلة ودقة المداولات القائمة.
تشير المعطيات الأولية إلى وجود قدر من الليونة لدى الأطراف المعنية، وتحديدا واشنطن...
في ما يتعلق بمسألة المهل الزمنية المرتبطة بتسليم السلاح، حيث يبدو أنّ تساهلاً قد تمّ تسجيله.
هذا التطور يفتح الباب أمام بلورة مقاربة جديدة تقوم على تفعيل مبدأ “الخطوة مقابل خطوة”
وهو المطلب الذي يتمسك به لبنان منذ بداية النقاشات، في محاولة لتأمين توازن بين ما يقدمه من التزامات وما ينتظره من الطرف الإسرائيلي.
وبحسب المعطيات، أبدى لبنان استعداده للالتزام باتفاق وقف إطلاق النار وسحب السلاح من جنوب الليطاني، وهو ما يشكل تنازلاً في سبيل تثبيت الاستقرار.
غير أنّ الشرط الأساسي يكمن في أن تكون الخطوة المقابلة من جانب إسرائيل.
الأمر الذي من شأنه أن يضعها أمام اختبار جدي حيال صدقيتها واستعدادها للتجاوب مع المطالب الدولية والإقليمية.
في هذا السياق، تتجه الأنظار إلى زيارة باراك وأورتاغوس إلى تل أبيب، حيث سيجريان محادثات مع القيادة الإسرائيلية لاستطلاع موقفها من بنود الاتفاق.
فحتى الآن، لا يزال من غير المعروف ما إذا كانت إسرائيل مستعدة فعلاً للانخراط في صيغة “الخطوة مقابل خطوة”...
أم أنها ستواصل سياسة المماطلة ورفع الشروط المقابلة.
يدرك لبنان أن أي اتفاق لن يكون سهلاً، لكنه يعوّل على ضغط المجتمع الدولي، ولا سيما واشنطن وباريس، لدفع إسرائيل إلى الالتزام بمسار تفاوضي جدي.
فالمعادلة التي يتم طرحها راهناً تبدو مختلفة عن جولات سابقة، إذ أن هناك إدراكاً متزايداً لدى الأطراف كافة بأن استمرار التصعيد سيقود إلى تداعيات خطيرة...
ليس فقط على الحدود الجنوبية، بل على مجمل الوضع الإقليمي.
تأسيساً على هذا المشهد، يصبح التفاؤل الحذر هو السمة الطاغية في هذه المرحلة.
فلبنان خطا خطوة واضحة بإعلانه الاستعداد للالتزام باتفاق وقف النار وسحب السلاح جنوب الليطاني.
لكنه في المقابل يترقب الرد الإسرائيلي ليتضح ما إذا كانت المفاوضات ستُترجم إلى اتفاق عملي، أم ستبقى.